بداية انتشار السفور
ولم يبدأ انتشار السفور وكشف الوجه إلا بعد وقوع معظم بلاد المسلمين تحت سيطرة الكفار في العصر الحديث، فهؤلاء الكفار ألبسوا أنفسهم لباس الوصاية على بلادنا، وكانوا حريصين على نشر الرذيلة ومقدماتها في ديار الإسلام لإضعافها وتوهين ما بقي من قوتها.
قال الشيخ سليمان الخراشي – حفظه الله- في بحث له عقده بعنوان( أسماء القائلين بوجوب ستر المرأة لوجهها من غير النجديين ص2: "ومما يؤكد أن السفور مما أحدثه المستعمر لبلاد المسلمين في العصر الحديث: الصور الفوتغرافية التي التقطت لديار المسلمين المختلفة( تركيا ,ومصر, وتونس, والشام...) تؤكد أن المرأة المسلمة كانت تغطي وجهها قبل أن تنتشر دعوة السفور على يد أذناب المستعمر النصراني, فانظر على سبيل المثال كتاب"مكتب عنبر"للقاسمي. وكتاب لطاهر الحداد, ومسألة الحداثة لأحمد خالد, وأي كتاب يتحدث عن ثورة1919م المصرية, وقد نشر أحد الأخوة في شبكة التبيان مجموعة صور قديمة لنساء عدد من البلدان تشهد لما ذكرت أ.هـ".
وقال الدكتور لطف الله خوجة- حفظه الله-: "وهكذا الحال قي بدايات القرن الأخير, فقد ظهر التصوير قبل مائة وخمسين عاماً, تقريباً, وصور المصورون أحوال كثير من البلدان الإسلامية, منذ مائة عام, وزيادة, وفيها ما يحكي واقع حال النساء في بلاد الإسلام: تركستان, والهند, وأفغانستان, وإيران, والعراق, وتركيا, والشام, والحجاز, واليمن, ومصر, والمغرب العربي حيث الجميع محجبات الوجوه والأبدان حجاباً كاملاً سابغاً, حتى في المناطق الإسلامية النائية, كجزيرة زنجبار في جنوب أفريقيا, في المحيط الهندي, وقد زرتها عام 1420هـ ودخلنا متحفها القديم, ورأينا صور سلاطينها من العمانية, وصور نسائها, وكن جميعا محجبات على الصفة الآنفة , وعندنا شاهد في هذا العصر: المرأة الأفغانية, فحجابها السابغ الذي يغطي جميع بدنها, حتى وجهها, قريب إلى حد كبير مما كان عليه النساء في سائر البلدان, فهذا الحال أشهر من أن يُستدل له, فالصور أدلة يقينية, فقد ظلت المرأة متمسكة بهذا الحجاب الكامل إلى عهد قريب, ولم يظهر السفور إلا بعد موجات الاستعمار والتغريب".(الدلائل المحكمة لآيات الحجاب على وجوب غطاء الوجه ص4-5)
وقد قال الشيخ بكر أبو زيد، حفظه الله، في ذلك: "وقد أجمع المسلمون على تحريم التبرج، كما حكاه العلامة الصنعاني في حاشيته (منحة الغفار على ضوء النهار) (4/ 2012، 2011). وبالإجماع العملي على عدم تبرج نساء المؤمنين في عصر النبي، صلى الله عليه وسلم، وعلى ستر أبدانهن، حتى انحلال الدولة العثمانية في عام 1342هـ وتوزع العالم الإسلامي وحلول الاستعمار فيه أ. هـ"( حراسة الفضيلة ص92). وقد أكد ذلك فضيلة الشيخ القيسي، رحمه الله، حيث عاصر الدولة العثمانية قبل سقوطها، وأطال الله عمره حتى بلغ قرابة 130سنة وتوفي في عام 1426هـ في مدينة حقل في المملكة العربية السعودية، وقد عمل سنين كثيرة في القضاء. وما الإجماعات العملية المأثورة عن العلماء المذكورة آنفاً عنا ببعيد، ففيها التصديق بجريان ذلك على الأمة الإسلامية.
فهل يعي عقلاء الأمة ما يريد بها أعداؤها؟!
وهلا رجعوا إلى ما فيه رحمة وهدى وبشرى للمؤمنين؛ كتاب الله وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [سورة آل عمران الآيتان: 105، 106]. قال الشيخ عبدالله بن غنيمان، حفظه الله: "لأن الاختلاف بعد مجيء البينات خروج على أمر الله الذي يجب أن يكون جامعا للناس موحدا لصفوفهم، فإذا فهم قول الله واتبع وحسنت المقاصد صار عاصما من الاختلاف والتفرق، داعياً للاتفاق والاجتماع على طاعة الله ومتابعة رسوله، صلى الله عليه وسلم" (الهوى وأثره في الخلاف ص14).