شبهة أن رسول الله (ص) طلق سودة لأنها أسنت
اعترضوا بأن رسول الله صلى الله عليه و سلم طلق أم المؤمنين سودة لمجرد انها أسنت و استدلوا استدلال خاطىء بما جاء فى الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : لَمَّا كَبِرَتْ سَوْدَة بِنْت زَمْعَة وَهَبَتْ يَوْمهَا لِعَائِشَة فَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِم لَهَا بِيَوْمِ سَوْدَة وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ عن عروة قال:لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه فِي سَوْدَة وَأَشْبَاههَا وَإِنْ اِمْرَأَة خَافَتْ مِنْ بَعْلهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا وَذَلِكَ أَنَّ سَوْدَة كَانَتْ اِمْرَأَة قَدْ أَسَنَّتْ فَفَرَقَتْ أَنْ يُفَارِقهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَنَّتْ بِمَكَانِهَا مِنْهُ وَعَرَفَتْ مِنْ حُبّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَة وَمَنْزِلَتهَا مِنْهُ فَوَهَبَتْ يَوْمهَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَة فَقَبلَ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
والجواب:
إن زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من سودة رضى الله عنها كان من الأساس زواج رحمة و رأفة لا زواج رغبة فقد تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم و هى فى السادسة و الستين من عمرهاوهو كذلك كان فى سن كبيرة فى الثالثة والخمسين من عمره و كانت قد أسلمت مع زوجها و هاجرا إلى الحبشة فراراًً من أذى الجاهلين من قريش و مات بعد أن عادا و كان أهلها لا يزالون على الشرك فإذا عادت إليهم فتنوها فى دينها فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمايتها من الفتنة و لكن بعد زمن وصلت أم المؤمنين إلى درجة من الشيخوخة يصعب معها على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيها كامل حقوقها ويصعب عليهاأيضا فى هذا السن أن تقوم بحقوق الزوج فأراد تطليقها رأفةً بها كى لا يذرها كالمعلقة و كى لا يأتى الجهال فى عصرنا و يقولوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يعدل بين أزواجه فقالت رضى الله عنها (فإنى قد كبرت و لا حاجة لى بالرجال و لكنى أريد أن اُبعث بين نسائك يوم القيامة) فأنزل الله تعالى ((وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً)) (البقرة) و علمتنا هذه الأية المباركة أن المرأة إذا خافت من زوجها أن ينفر عنها أو يعرض عنها فلها أن تسقط عنه بعض حقوقها سواءً نفقة أو كسوة أو مبيت و له أن يقبل ذلك فلا حرج عليها فى بذلها ذلك له و لا حرج عليه فى قبوله, فراجعها رسول الله صلى الله عليه وسلم و كان يحسن إليها كل الإحسان.
(( نقلا عن موقع نبى الإسلام ))
الشبهة الثامنة :- شبهة موت الرسول صلى الله عليه وسلم متأثرا بسم الشاة :
اعترض النصارى على عصمة النبى بقصة شاة خيبر فقد روى ابن كثير عن ابن إسحاق
قال: لما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدت له إمرأة يهودية شاة مصلية و قد سألت أى عضو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها الذراع فأكثرت من السم فيها, ثم سممت الشاة ثم جاءت بها , فلما وضعتها بين يديه تناول الذراع فلاك منها مضغة لم يسغها و معه بشر ابن براء قد أخذ منها كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما بشر فأساغها و أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها ثم قال"إن هذا العظم يخبرنى أنه مسموم" (( وهذا من معجزاته عليه السلام )) ثم دعا بها فاعترفت, فقال" ما حملكى على ذلك؟" قالت بلغنى ما لم يخف عليك فقلت إن كان كذّابا استرحنا منه و إن كان نبيا فسيخبر" فتجاوز عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم و مات بشر من أكلته ,
أما رسول الله فلم يمت إلا بعد هذه الواقعة بثلاث سنوات كاملة كانت هذه السنوات الثلاث من أهم مراحل الدعوة النبوية ففيها فَتحت مكة و دخل الناس فى دين الله أفواجا و حج النبى صلى الله عليه وسلم حجة الوداع واكتملت الشريعة .
و قد جاءت الإرهاصات التى تشير إلى قرب أجل النبى (ص) قبل مرض موته و بينما كان فى أوج فتوحاته و إنتصاراته ولم يكن حينها يعانى من أثر السم
1- منها ما جاء فى القرأن الكريم من قوله تعالى : "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً "(المائدة) و لم ينزل بعد هذه الأية أى من أيات الأحكام و لا يقولن قائل إن سورة المائدة فيها أحكام فى مواضع لاحقة عن هذه الأية لأن الترتيب كان وفق ما يقرره الوحى فكان رسول الله يقول "ضعوا هذه الأية على رأس المائة من سورة كذا" و" ضعوا تلك الأية على رأس المائتين من سورة كذا"
2- كذلك من الإرهاصات التى جاءت فى القرأن الكريم قوله تعالى "إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً (3)"(النصر)
فكانت هذه السورة إشارة رقيقة إلى أن رسول الله (ص) أدى الرسالة و بلغ الأمانة و نصح للأمة و عليه الأن أن يستعد للرحيل من هذه الدار بسلام إلى دار السلام فكان رسول الله (ص) لا ينقطع عن القول فى ركوعه" سبحانك اللهم ربنا و بحمدك, اللهم اغفر لى" فى كل صلواته عليه السلام .
3- أيضا ما رواه البخارى عن ابن عباس قال:- كان رسوا الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس و كان
أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل و كان يلقاه فى كل ليلة من ليالى رمضان فيدارسه القرأن فكان جبريل يقرأ و النبى يسمع حينا و النبى يقرأ و جبريل يسمع حينا حتى كان العام الذى توفى فيه الرسول فعارضه جبريل بالقرأن مرتين لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أرى ذلك إلا لاقتراب أجلى" و قد شهد العرضة الأخيرة أحد مشاهير كتاب الوحى و هو زيد بن ثابت الأنصارى.
4- منها ما ورد عن أبو مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيقظنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة و قال:إنى أٌمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معى فانطلقت معه صلى الله عليه وسلم فسلم عليهم ثم قال :- ليهنئكم ما أصبحتم فيه, قد أقبلت الفتن كقطع اليل المظلم ثم قال:- قد أُوتيت مفاتيح خزائن الأرض و الخلد فيها ثم الجنة و خُيرت بين ذلك و بين لقاء ربى فإخترت لقاء ربى , ثم استغفر لأهل البقيع ثم انصرف . فبدأ مرضه الذى قبض فيه.
5- منها ما ورد عن أم المؤمنين عائشة قالت:- فما رجع من البقيع وجدنى و أنا صداعا و أنا أقول: وارأساه! قال صلى الله عليه وسلم: بل أنا والله يا عائشة وارأساه! ثم قال: ما بالك لو مت قبلى فقمت عليك و كفنتك و صليت عليك و دفنتك؟ فقلت: فكأنى بك و الله لو فعلت ذلك فرجعت إلى بيتى فعرُست ببعض نسائك.
فتبسم و تتام به وجعه و تمرض فى بيتى. فخرج منه يوماً بين رجلين أحدهما الفضل بن العباس و الأخر على قال الفضل: فأخرجته حتى جلس على المنبر فحمد الله و كان أول ما تكلم به النبى صلى الله عليه وسلم أن سلم على أصحاب أحد فأكثر و استغفر لهم ثم قال: أيها الناس إنه قد دنا منى حقوق من بين أظهركم فمن كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهرى فليستقد منه و من كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضى فليستقد منه و من أخذت له مالاً فهذا مالى فليأخذ منه و لا يخش الشحناء فإنها ليست من شأنى و إن أحبكم إلى من أخذ منى حقاً إن كان له أو حللنى فلقيت ربى و أنا طيب النفس ثم نزل فصلى الظهر ثم رجع إلى المنبر فعاد إلى مقولته الأولى فادعى عليه رجل بثلاثة دراهم فأعطاه عوضها ثم قال صلى الله عليه وسلم أيها الناس من كان عنده شىء فليؤده و لا يقول فضوح الدنيا ألا و إن فضوح الدنيا أهون من فضوح الأخرة ثم صلى على أصحاب أحد و استغفر لهم ثم قال : إن عبداً خيّره الله بين الدنيا و ما عنده فاختار ما عنده .فبكى أبو بكر و قال: فديناك بأنفسنا و أبائنا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبقين فى المسجد باب إلا باب أبى بكر فإنى لا أعلم أحداً أفضل فى الصحبة عندى منه و لو كنت متخذاً خليلاً لاخذت أبا بكر خليلاً و لكن أُخوَة الإسلام.
6- منها أيضا ما ورد أنه لما إشتد الوجع برسول الله صلى الله عليه وسلم و نزل به الموت جعل يأخذ الماء بيده و يجعله على وجهه و يقول :- واكرباه فتقول فاطمة:- واكربى على كربتك يا أبتى
فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا كرب على أبيك بعد اليوم, فلما رأى شدة جزعها استندها و سارها , فبكت ثم سارها فضحكت , فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم سالتها عائشة عن ذلك فقالت : أخبرنى أبى أنه ميت فبكيت ثم أخبرنى أنى أول أهله لحوقا به فضحكت .
( و قد ماتت رضى الله عنها بعد ر سول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر ).
7- قالت أم المؤمنين عائشة: و كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كثيراً: إن الله لم يقبض نبى حتى يخيره . فلمل احتضر كانت أخر كلمة سمعتها منه و هو يقول: بل الرفيق الأعلى. قالت: قلت إذاً ؤالله لا يختارنا و علمت أنه يخيّر .
فهذه الأدلة تؤكد أن موته صلى الله عليه وسلم لم يكن فجأة بفعل السم حتى يقال إنه مات ولم تتم رسالته بل كان موت النبى صلى الله عليه وسلم بقدر بعدما بلغ الرسالة وعليه فليس فعل السم فيه قادحا فى عصمته
و نقول للمتمطعين الذين يقولون إن عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست معجزة وأن أى إنسان يمكنه إدعاءها, فأقول لهم: و هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم كأى إنسان؟ إنه بإعتراف مؤرخى الشرق و الغرب أعظم شخصية عرفها التاريخ و أعظم قائد دينى و سياسى و أعداؤه كانوا أكثر من أن يحصوا من اليهود و النصارى و الوثنيين و المجوس و المنافقين و كلهم حاول إغتياله و القضاء على دعوته المباركة و كان الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم يحرسه الصحبة من كيد الكافرين فلما أنزل الله (( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَ اللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )) "المائدة 67"
فكيف الحال و قد قتل المسيح كما تزعمون بعد بدء دعوته بعام و نصف أو ثلاثة أعوام فقط على أحد الأقوال فهل هو بذلك غير معصوم ومحفوظ كنبى فضلا عن كونه إلاها كما تزعمون تعالى الله عما تقولون علوا كبيرا
(( نقلا عن موقع شبكة بن مريم الإسلامية))